Home

فاملي تيك.. مشروع أردني يسعى إلى إنشاء "أسرة رقمية" واعية إعلاميًّا وتقنيًّا

فاملي تيك.. مشروع أردني يسعى إلى إنشاء "أسرة رقمية" واعية إعلاميًّا وتقنيًّا

أنشر
مشاركون ينتظرون بدء جلسات الحوار. الصورة بعدسة: شروق الحمايدة

فاملي تيك Family Tec هو أحد المشاريع الحوارية التي دعمها مركز الحوار العالمي "كايسيد" في عام 2020 وتديره مجموعة من الشباب في محافظة الطفيلة جنوب الأردن.

 وهذه المبادرة، التابعة للجان الشبابية بالصندوق الأردني الهاشمي للتنمية البشرية تحت إشراف مركز الملكة علياء للعمل الاجتماعي، ترمي إلى إنشاء "أسرة رقمية" واعية إعلاميًّا وتقنيًّا وقادرة على تحليل المحتوى الإلكتروني والخطاب الإعلامي واستخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي للدعوة إلى السلام.

وقالت شروق الحمايدة، مؤسسة مشروع فاملي تيك Family Tec، إن الدعم الذي تلقوه من مركز الحوار العالمي كان نقطة تحوّل مكنتهم من نقل همّتهم العالية إلى أفعال تطبق على أرض الواقع

وأضافت: "لقد أردنا أن نخدم مجتمعنا وعلمنا يقينًا أن هنالك حاجة ماسة لما يمكن أن نقدمه، ولكن التحدي والإشكال دائمًا ما يكون في تحصيل التمويل".

معالجة الحاجة الملحة إلى محو الأمية الإعلامية والمعلوماتية

وتابعت الحمايدة حديثها فقالت: "إن فكرة المشروع مستقاة أساسًا من إيماننا بأهمية إنشاء مجتمع تُمحى فيه الأميةُ الإعلامية ويُعزَّز الاستخدام الهادف لوسائل التواصل الاجتماعي. ونحن الشباب نستطيع أن نكون الوسيلة التي تمكن الجمهور، الذي يتعرض لسيل جارف من المحتوى في هذا العالم الرقمي الآخذ في التوسع، من التواصل واكتساب المعرفة وتطوير أدوات التربية الإعلامية والمعلوماتية (MIL)، ثم إنه من الواجب أن يكون المواطنون مطلعين على ما يجري وهذا يعد تمكينًا لهم".

وإن الإحصاءات تشير إلى أن 61.5% من سكان الأردن هم من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2021، كذلك أظهرت دراسة استقصائية أخرى أجرتها اليونسكو UNESCO عن الأردنيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا أن 91% منهم يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي يوميًّا، لذلك يرى الخبراء أن زيادة الوعي بهذه المنصات المتنامية والمتطورة أمر لا بد منه.


اقرأ أيضًا: مئات الشباب الكشافة التونسي في مبادرة لمناهضة خطاب الكراهية


"أسرة رقمية" واحدة كبيرة

يستخدم أصحاب مشروع فاملي تيك مصطلح "الأسرة الرقمية" للإشارة إلى الأشخاص الذين يتفاعلون مع بعضهم البعض بانتظام على منصات وسائل التواصل الاجتماعي، ويؤمن أصحاب هذا المشروع بأن أفراد هذه "الأسرة" لا بد أن يكونوا حريصين جدًّا حينما يتواصلون إلكترونيًّا.

وأضافت الحمايدة: "نحن نسعى إلى تمكين الأفراد من التصدي لخطاب الكراهية والتمييز والتنمر، بل حتى الاستقطاب السياسي، ثم إننا نريد بناء جسور التواصل بين الناس. وتكمن قوة وسائل التواصل الاجتماعي في قدرتها على التأثير بشكل كبير في الجمهور الآخذ في الاتساع، وهذا ما يجعلها خطيرة بطبيعة الحال".

وبدأ مشروع فاملي تيك في عام 2019 عبر تنظيم جلسات حوارية وتقديم خدمات استشارية لمختلِف فئات المجتمع في محافظة الطفيلة، ومنهم الأشخاص من جميع الأعمار، والخلفيات فضلًا عن اللاجئين.

وأوضحت الحمايدة آلية عمل المشروع فقالت: "نحن نعمل مع الأطفال والشباب الذين يحتاجون إلى تثقيف بشأن الاستعمال الآمن للإنترنت، والذين انتُهكت خصوصياتهم على سبيل المثال. وإلى جانب ذلك، فإن بعض هؤلاء الأشخاص لاجئون يحتاجون دعمًا من أجل أن يندمجوا أفضل اندماج في المجتمع المضيف".

وبعد تفشي جائحة "كوفيد-19"، عُقدت الأنشطة عبر الإنترنت مع برنامج تدريبي عن بُعد وصل إلى قرابة 2500 شخص. وقالت الحمايدة: "لقد تلقينا قدرًا هائلًا من التعليقات الإيجابية من المشاركين".

ولم تدرك راية محمد، أحد المستفيدين من المشروع، أنها تبدو غير حساسة لمشاعر الآخرين حتى واجهت بنفسها التنمر على فيس بوك؛ إذ تعرضت لاعتداء شفهي على حساب عام نتيجة لحالتها الصحية ممَّا أثار اهتمامها بحضور جلسات فاملي تيك.

وقالت راية: "اعتدت، دون قصد، ممارسة التنمر في حياتي اليومية؛ إذ كنت أتفوه بأشياء لا ألقي لها بالًا. ولكن عندما حضرت جلسات الحوار وبدأت أستمع إلى الناس الذين كانوا يتشاطرون تجارِبهم الشخصية علنًا عن كونهم ضحايا للتنمر، أدركت أنني كنت من المتنمرين وأننا يجب أن نضع أنفسنا مكان من نتنمر عليهم لندرك قبح هذا الفعل".

Raya Mohamed, one of the Family Tec beneficiaries - Photo by Shereen Nanish

راية محمد، أحد المستفيدين من مشروع فاملي تيك. الصورة بعدسة شيرين النعنيش.

الحوار عامل محفز للتغيير

وبجانب تعزيز مهارات التربية الإعلامية والمعلوماتية (MIL) لدى المواطنين واللاجئين في الأردن على شبكة الإنترنت وخارجها، وسَّعت الحمايدة وفريقُها جهودهم، على سبيل المثال، عبر إصدار تقرير فاملي تيك في عام 2020 الذي رصد انتشار خطاب الكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي، الموجَّه إلى المرشَّحات الأردنيات الساعيات إلى الفوز بالانتخابات النيابية في ذلك العام.

ولقد فازت نسبة مئوية ضئيلة نسبيًّا من المرشَّحات البالغ عددهنَّ 364 مرشحة، وتؤمن الحمايدة بأن هذا قد يعود في بشكل جزئي إلى لهجة الخطاب المنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي في أثناء تلك الفترة. وقالت: "لقد أشار بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى المرشَّحات بطريقة سلبية ومهينة، ولهذا السبب سحبت نساء كثيرات ترشيحهنَّ. ولقد رأينا أن عدد النساء الفائزات بلغ 15 امرأة فقط، هذا يعني أنه لم تفز امرأة واحدة خارج النسبة المقررة للسيدات ضمن نظام الكوتا".

وأطلق أصحاب مشروع فاملي تيك حملة إعلامية إلكترونية بعد الانتخابات تتألف من رسائل مصوَّرة تدعو إلى وضع خطة تركز على مشاركة القيادات الدينية وصانعي القرار وأصحاب التأثير الإعلامي في تعزيز التماسك الاجتماعي.

وختمت الحمايدة اللقاء بقولها: "يمكن للحوار أن يغير بعض التقاليد الاجتماعية-الثقافية السلبية وأن يساعد على كسر الصور النمطية، التي يقوض بعضُها قدرة المرأة في بعض المجالات، وهذا أحد الأهداف العديدة التي يحاول مشروعنا تحقيقها، كما أننا نعتزم غرس ثقافة الاحترام والتنوع والحكمة والتسامح في مجتمعاتنا الرقمية".