Home

مشروع "هي للحوار" يعزز دور المرأة في بناء جسور السلام

مشروع "هي للحوار" يعزز دور المرأة في بناء جسور السلام

أنشر
مبادرة "هي للحوار"

تشارك نساء من المملكة العربية السعودية وسوريا والعراق ولبنان ومصر في مشروع تدريبي لمساعدتهن على تعزيز التماسك الاجتماعي ومكافحة خطاب الكراهية والتصدي لتحديات "كوفيد-19" في مجتمعاتهنَّ المحلية.

ومبادرة" هي للحوار"، التي أطلقها مركز الحوار العالمي "كايسيد" بالتعاون مع منصة الحوار والتعاون بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة في العالم العربي، هي مشروع تجريبي يقتصر في البدء على مجموعة مختارة من البلدان. ولكنه يرمي، وَفقًا للنتائج، إلى أن يشمل المنطقة العربية بأسرها ومناطقَ أخرى في جميع أنحاء العالم.

وقال الأمين العام للمركز، معالي الأستاذ فيصل بن معمر: "في كايسيد، نحن نؤمن إيمانًا قويًّا بدور المرأة في بناء السلام والحوار. ولأننا ننظر إلى المرأة بوصفها شريكًا مساويًا للرجل، وضعنا مشروعًا خاصًّا يسلط الضوء على دورها الطبيعي بوصفها بانية للسلام".

وتابع قائلًا: "إن تمكينَ المرأة غايتُنا، وإننا نؤمن بأن السبيل الوحيد لتحقيق ذلك هو بالاعتماد على نهج شامل ومتعدد الأطراف. وإن لم نعمل يدًا بيد، فسيكون من الصعب جدًّا التوصل إلى حلول مشتركة للتحديات المشتركة".

وتتلقى المشاركات في مشروع "هي للحوار" تدريبًا يستهدف إعدادهنَّ لتنفيذ مبادرات بناء السلام المصمَّمة خصيصًا في مجتمعاتهنَّ المحلية. وينتهي تدريبهنَّ بتقديم دليل لمساعدتهنَّ على تنفيذ التدريب اللاحق لأفراد المجتمعات المحلية في مناطقهنَّ.

وقالت الأستاذة سناء قاسمية، المسؤولة في كايسيد عن الشراكات وبناء العلاقات في المنطقة العربية: "لقد أظهرت دراسات عديدة أن عمليات السلام تكون مستدامة عندما تقوم المرأة بأدوار نشطة داخلها، ولذلك صمَّمنا هذا المشروع من أجل تمكين المرأة وتعزيز معارفها ومهاراتها في المجالات المواضيعية للحوار بين أتباع الأديان والتماسك الاجتماعي وبناء السلام والتعددية".

وأضافت: "وبهذه الطريقة، يمكنهنَّ أن يصبحن سفيرات محليَّات داخل مجتمعاتهنَّ عبر تعزيز التعايش السلمي والتماسك الاجتماعي".

الحوار والتنوع

وعُقدت ورشة العمل التدريبية الأولى في الأسبوع الأخير من مايو، ونُظمت الجلسات الأربع على الإنترنت نتيجة قيود "كوفيد-19" المفروضة على المشاركة الشخصية.

وفي اليوم الأول، تعلم المشاركون الخمسةُ والعشرونَ تعريف الحوار المؤثر ومبادئه، ثم انتقلوا إلى مناقشة مفاهيمَ مثل التنوع والتعددية وديناميكيات الهُوية والثقافة. وتواصل التدريب ليشمل إدماج المنظور الجنساني في الحوار وبناء السلام، فضلًا عن الحواجز التي تحول دون مشاركة المرأة مشاركة مجدية في الحوار.

وفي الجلسة الختامية، ألقى الدكتور عامر الحافي كلمة أمام المشاركين، والدكتور عامر خبير أردني في الحوار بين أتباع الأديان والثقافات ومستشار أكاديمي في المعهد الملكي للدراسات الدينية في الأردن. وقالت أمينة الذهبي، وهي مشاركة من العراق وعضوة في المجلس العراقي للحوار بين أتباع الأديان وكذلك في المنظمة غير الربحية 'مسارات للتنمية الثقافية والإعلامية': "لقد كان عملنا بشأن الهُوية والتعددية الثقافية مهمًّا حقًّا".

وأضافت قائلة: "إن المهارات الرئيسة التي طورتُها في أثناء ورشات العمل تتعلق بالحوار، ولا سيَّما تلك التي تركز على معالجة التحديات والقضايا المثيرة للجدل. وإلى جانب ذلك، فقد تعلمت طريقة عرض أسئلة حساسة وكيفية إيجاد مِساحة آمنة للحوار".

وقالت الأستاذة جودي سباط، مساعدة اتصالات تابعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بلدها الأصلي سوريا، إن التفاعل وتبادل الآراء مع نساء من خلفيات وطنية ودينية متنوعة كان جزءًا حاسمًا من تجرِبتها التدريبية. وأضافت: "لقد قدمت طلبًا للمشروع لأنني مناصرة لقضايا المرأة وكنت مهتمة بالحوار بين النساء. ونظرًا إلى تفشي جائحة "كوفيد-19"، وجب علينا أن تتقابل على منصة زووم وكنت أخشى أنه لن يكون من السهل كسر الجمود وتخطي الحواجز على الإنترنت، ولكن الميسرين تمكنوا من دعمنا في هذه العملية". وترى سباط، وهي محامية شاركت أيضًا في منتدى الشباب العربي الذي عقده مركز الحوار العالمي في عام 2019، أن تمكين المرأة يكتسي أهمية خاصة في البلدان التي دمرتها الصراعات أو التي تتعافى منها.

وفي سوريا، كما أوضحت الأستاذة جودي، فإن الخسائر الناجمة عن الحرب في صفوف الرجال تعني على وجه الخصوص أن الإناث أصبحن الجزء الأكبر من السكان البالغين "في بيئة محافظة للغاية حيث كان يُطلب إلى النساء دائمًا البقاء في منازلهنَّ، ولكنهنَّ اليوم أضحين مسؤولات عن إعادة بناء المجتمع".

الاعتراف بحقوقهنَّ

وفي حين ينتظرن المشاركة في ورشتي العمل الثانية والثالثة في شهري سبتمبر وديسمبر، تُجري المشاركات في مشروع "هي للحوار" تبادل أفكار بشأن كيفية تصميم مبادرات التمكين المجتمعية وتنفيذها في مجتمعاتهنَّ الأصلية.

وشددت الأستاذة جودي أيضًا على أهمية إشراك النساء في البيئات المحرومة أو الأكثر تحفظًا، اللاتي لا يحظين عادة بمثل هذه الفرص. وأضافت: "في حال تحدثنا دومًا مع أولئك اللواتي يحظين فعلًا بالتعليم المناسب وفرص التدريب والتطوير، فسوف تظل النساء الأخريات معزولات. وعليه، فنحن بحاجة إلى إشراكهنَّ وربما، في مرحلة لاحقة، سنحتاج إلى التحدث إلى أزواجهنَّ وأُسرهنَّ، حتى نتمكن من رؤية كيف يؤثر الدين والتقاليد في حياتهنَّ، ويمكننا فعل ذلك دون كسر التوازن الاجتماعي الذي هنَّ جزء منه".

كذلك رأت الأخت إيميلي طنوس، منسقة دائرة الشؤون اللاهوتية والعلاقات المسكونية في مجلس كنائس الشرق الأوسط وعضوة اللجنة التوجيهية لمشروع "هي للحوار"، أن التفسيرات الدينية المحافظة كانت طَوال قرون تعد عقبة أمام تحرير المرأة في جميع أرجاء العالم العربي. وقالت أيضًا: "إن تلقي الشابات الفتيات التعليمَ أمرٌ حاسم لتمكين النساء من المطالبة بأدوار نشطة وقيادية داخل المجتمع".

وبصرف النظر عن التقدم المحرز حديثًا، يقول الخبراء إن المرأة ما تزال تعد إلى حد كبير ذات أهمية ثانوية في بعض البلدان العربية. وبيَّنت طنوس، التي تنتمي إلى جماعة راهبات القلب المقدس في لبنان، أن المبادرات الرامية إلى تمكين المرأة، مثل مبادرة "هي للحوار"، ما تزال مطلوبة.

وختمت بالقول: "ومن الأهمية بمكان أن تكون المرأة واعية ومستنيرة، حتى تتمكن من الاعتراف بحقوقها، وأن تكون مدرَّبة كي تكون واثقة وماهرة ومستقلة".